Site icon عين ليبيا

وضع الأسعار على بضاعتك جريمة بحق الزبون!..

وضع الأسعار على بضاعتك جريمة بحق الزبون

تعتبر التجارة من أقدم أنواع المهن على مر الزمان بدايةً من المقايضة و نهايةً إلى ما وصل إليه العالم الآن، و بإختلاف مسمياتها و طرق ممارستها فإن هدفها الأساسي هو زيادة رأس المال و توسيع الأعمال مع تحقيق الأرباح و زيادة الدخل ضمن مجموعة من القوانين و الأعراف المتبعة و التي تتحلى بأخلاقيات المهنة حيث تهدف في مجملها إلى التنافس الشريف بعيداً عن الإحتكار و الغش و التحايل و الكسب الغير مشروع، بالإضافة إلى الكثير من الضوابط التى حددتها لنا الشريعة الإسلامية في هذا المجال.

في الآونة الأخيرة ، اتاح التقدم التكنولوجي الكثير من الفرص التجارية عبر قنواته المختلفة علاوة على إمكانية الإعلان و التسويق على نطاق واسع و الوصول إلى الزبائن في شتى بقاع الأرض بطريقة غير مكلفة الأمر الذي فتح المجال أمام الجميع لخوض تجربة التجارة في أغلب المجالات المتاحة.

و لعل من أبرز الأعمال التجارية التي يمارسها المغتربين عن بلادهم هي جلب المنتجات و البضائع المختلفة من بلدانهم و بيعها وفقاً لمتطلبات السوق المجتمعي معتمدين في ذلك بالدرجة الأولى على فارق العملة و ندرة توفر بعض المنتجات في بلاد المهجر لكون بعضها شعبية أو تقليدية مثل الملابس أو المقتنيات أو بعض الأدوات و المستلزمات أو حتى بعض المنتجات الغذائية التي تعد و تحضر بطرق مختلفة إعتاد عليها أهل البلاد وفقاَ لتقاليدهم المتوارثة.

و على نطاق ضيق ساهمت مواقع التواصل الإجتماعي في تعزيز العمل الفردي عبر ترويج و بيع بعض هذه المنتجات و بالتحديد عبر صفحات الفيس بوك أو حسابات الإنستجرام لتفتح مجال التنافس في كيفية العرض و إستقطاب الزبائن وفقاً للأنواع التي يقوم التاجر بتوفيرها و جلبها من بلاده إلى بلاد المهجر.

أغلب من أمتهنوا هذا النوع من التجارة إنتهجوا سياسة عدم وضع الأسعار و تفاصيل المنتج بشكل واضح رفقة مبيعاتهم عند الإعلان عنها الأمر الذي آثار إستهجاناَ كبيراً لكونه دخل في دائرة الغموض و إنعدام الثقة سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر بين التاجر والزبون.

و لعل من أهم الأسباب التي جعلت بعض التجار ينتهجون هذا الأسلوب في تجارتهم راجع لثقافة المجتمع المستهدف من حيث ردود أفعالهم حول سعر المنتج عن طريق تعليقاتهم السلبية و تبادل الإتهامات بالإستغلال تارة أو بحساب تكاليف المنتج تارة أخرى، كما أن التنمر و الإستهزاء طال التجار ببخسهم فيما يعرضونه أو إهانتهم وتشويه سمعتهم بشكل أو بآخر سواءً كان بشكل متعمد أو بغيره.

و من جهة أخري، يسعي البعض إلى الإفساد على التاجر عند إمتلاكه لنفس المنتج فمجرد معرفته للسعر مع متابعة لصيقة لاستفسارات الزبائن يلجأ إلى التواصل مع الزبون بالخفاء و إعطائه سعراً أقل من المعروض بطريقة غير أخلاقية بعيدة عن شرف المهنة، و أحياناً يقوم بالطعن في التاجر لإستدراج الزبائن و سحبهم منه ، و قد يلجأ البعض إلى إدعاء كونه هو اول من أدخل بعض أنواع المنتجات والبضائع إلى البلاد و لا يحق لأحد من بعده أن يقوم بجلبها و المتاجرة فيها، و بالتالي يعلن الحرب في العلن و في الخفاء على منافسه تيمناً للمثل القائل (صاحب حرفتك عدوك).

ونتيجة لهذا النهج المتبع سواءً من التاجر بإخفائه للأسعار أو ومن الزبون بتنمره و تهكمه إن صح التعبير، اصبح التعامل بين التاجر والزبون بعيداً عن الانظار وبشكل خفي تحاكوا فيه تفاصيل المنتج و الأسعار بشكل غير احترافي، الامر الذي أدى إلى إفساد روح التنافس الشريف و جعلها تجارة غامضة تحكمها ضوابط الإجتهادات الشخصية في التحري و التقصي بشكل دقيق قبل المخاطرة بطلب الشراء و الاقتناء.

إن التنافس الشريف و عدم المبالغة في تحقيق الأرباح و المصداقية و الحرص على إرضاء الزبون و التعامل السليم و مراعاة الله عز و جل في الإبتعاد عن الغش و الإحتكار و الإفساد على الغير و الإيمان بأن الله يوزع الأرزاق و يبارك فيها هي الطريق السوي لتجارة رابحة و فتح أبواب الرزق للجميع.

بقلم المداح

Exit mobile version